الاهتمام بالطفل الرضع

بسم الله الرحمن الرحيم

داخل أروقة الجامعة التكنولوجية.. بناية لا تسترعي الانتباه، يخالها المرء اول وهلة، انها ورشة من ورش الجامعة المنتشرة في ارجائها، ولكن ما ان يتخطى عتبتها حتى يفاجئ بمجاميع من الاطفال كالفراشات يمرحون، وينشدون، ويلعبون، يتواصلون مع الحياة ببراءة تعبق شذى يملأ المكان، لا يملك زائرها الا ان يكون جزءاً منها ومنهم.. تارة يجتمعون حول لعب ملونة يتداولونها ويلهون بها، وتارة اخرى يتفرقون لينتظموا ثانية على مقاعد توزعت بترتيب جميل لتحتل محيط قاعات الطابق الاول، اما في طابقها الثاني امتلأت القاعات بمهاد المحضونين من الاطفال الرضع الذين غفوا بسلام ودعة على وساداتها الزاهية..

تلكم هي حضانة وروضة (التكنولوجي الصغير). (المدى) تجولت بين اروقتها والتقت مديرتها الست (انوار غضبان) الحاصلة على بكالوريوس علم الاجتماع من كلية الاداب / جامعة بغداد، وعدد من المشرفات فيها، حدثتنا اولا الست انوار قائلة: تأسست حضانة وروضة التكنولوجي الصغير عام 1980 وكان الهدف منها احتضان اطفال المنتسبين حديثي الولادة وخاصة الذين ليس لديهم من يساعدهم في رعاية اطفالهم ونظرا لاهتمام رئاسة الجامعة بهذا الموضوع فقد خصصت هذه البناية كدار حضانة لاطفال المنتسبين الرضع، وتدريجيا تم استحداث روضة للغرض ذاته فضلا عن قسم التمهيدي وتهيئة الاطفال للتسجيل في المدارس، في البدء احتضنت الاطفال الذين هم بعمر شهرين الى سنة واحدة بعد انتهاء اجازة الامومة، بعدها تم تسجيل الاطفال الذين هم بالفئة العمرية من 3.5الى 4.5 سنوات في الروضة، وفي القسم التمهيدي تم احتواء الاطفال الذين هم بعمر من 4.5 الى 6 سنوات.
وتضيف الست انوار قائلة: وباعقاب سقوط النظام السابق وبعد ان تعرضت دار الحضانة الى اعمال النهب والتخريب مثلها مثل ابنية الجامعة وكلياتها واقسامها الاخرى، ادرج موضوع اعمار وترميم وتأهيل الدار ضمن خطة الجامعة لاعادة الاعمار، وبتوجيه مباشر من رئاسة الجامعة، وعلى اثر ذلك ظهرت الدار بحلة جديدة بعد توفير جميع مستلزماتها من (الاثاث والافرشة واجهزة تكييف (تدفئة وتبريد) ولعب اطفال ومهاد) وغيرها من المتطلبات الضرورية.
قلت لها: هل هناك جهة تربوية رسمية تعنى بمناهج الدار ؟
قالت: نحن نستقي مناهجنا التربوية من خلال الزيارات التي نقوم بها من حين لاخر الى رياض الاطفال الرسمية والاهلية الاخرى، وبعد الاطلاع عليها نقتبس منها ما يناسب توجهات الدار في هذا المضمار، وضمن سعي رئاسة الجامعة لتطوير عمل الدار فقد عززت ملاكها بعناصر ذات اختصاص في العلوم التربوية والانسانية للارتقاء بها الى مستوى الاهداف التي انشئت من اجلها.
وماذا عن الجانب الصحي ؟
قالت الست انوار: تم تخصيص فرق صحية ترتبط مباشرة بالمركز الصحي للجامعة والتي تنظم بدورها زيارات شهرية الغرض منها اجراء اللقاحات الضرورية المختلفة لاطفال الدار لتسهيل مهمة ذويهم في هذا الجانب نظرا لانشغالهم بواجباتهم التدريسية في كليات واقسام الجامعة.
* هل لديكم خططا مستقبلية وانية لتوسيع الدار ؟
- نعم، صدرت لنا توجيهات وتعليمات من رئاسة الجامعة بصدد تنفيذ مشاريع اعمار وترميم وصيانة وتأهيل الدار مرة اخرى خلال العطلة الصيفية لاستقبال الاطفال للعام الدراسي 2007- 2008، هذه الاعمال ستتضمن تجهيزها واكمال النواقص فيها (اعمال كهربائية، وافرشة، وستائر وارضيات، وكل ما من شأنه ان يسهم في توفير الراحة والطمأنينة للاطفال وذويهم، كما ان الجامعة تسعى جاهدة لتطويرها وبما يتناسب وعلمية هذه المؤسسة التعليمية المهمة، كما ان الدار بصدد استقبال اطفال من خارج الجامعة بعد استحصال الموافقات المطلوبة وبأجور تتماهى مع اجور رياض الأطفال الأهلية، اذ ستتراوح بين 30 الف دينار للطفل الواحد و 50 الف دينار للطفلين الأخوين، وتضيف: ولدينا خطة طموح لتوسيع الروضة من خلال الاتصال بمنظمات انسانية ودولية.
* وماذا عن الصعوبات التي تواجهكم ؟
- اولا قلة الملاك التربوي، والملاك الحالي يفتقر الى الاساس التربوي وبضمنه علم نفس الطفل، لدينا الان 9 مشرفات يقمن على رعاية 65 طفلا موزعين على الحضانة والروضة والتمهيدي ونمتلك ست حاسبات من النوع القديم.
لقاؤنا التالي كان مع الست هيفاء مديرة الدائرة القانونية في الجامعة وسألناها: هل تلبي الدار بوضعها الحالي متطلبات التكنولوجي الصغير ؟
الدار في وضعها الراهن لا تلائم التكنولوجي الصغير الذي سيصبح يوما ما تكنولوجيا كبيرا لان الاطفال هم من ابناء الاساتذة والملاك التدريسي والوظيفي للجامعة، لذا فنحن بحاجة الى بناية اكبر والى ملاك متخصص ومناهج تربوية تعتمد الاساليب والطرائق العلمية الصحيحة، فضلا عن النقص الواضح في التأثيث وعدم وجود ساحة للالعاب.
ثم انتقلنا الى الست سمية ياسين وسألناها عن علاقتها باطفال الدار فقالت: العلاقة حميمة جدا لان الطفل بحاجة الى الحنان والعطف واشاعة مناخات من المودة واللطف، وانا وعلى وفق ما ذكرته اتعايش معهم بهذه الروحية.
* وكيف تجدين الدار الان ؟
- الدار بحاجة الى لعب والعاب تتناسب مع معطيات العصر، كالاتاري واجهزة التعليم المرئية والمسموعة واجهزة اظهار الحروف والكتابة، وعلى هذا فالروضة ما تزال دون المستوى المطلوب ولا تتناسب مع مكانة الجامعة العلمية.
اما مديرة الدار السابقة السيدة راجحة حسين حمزة فقد قالت: امضيت خمس عشرة سنة في هذه الدار وانا سعيدة بعملي ولاسيما انا ارى بعض الذين كانوا اطفالا في هذه الروضة هم الان طلبة جامعيين وبعضهم صاروا معلمين او موظفين.
* هل حصل تغيير ما باتجاه التطوير والتحديث في عمل الروضة ؟
- في البداية كانت الحضانة حصرا تستقبل الاطفال باعمار من سنة الى ثلاث سنوات واستمر الحال لمدة ثمان سنوات تحت اشراف وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، واستجابة للطلبات الكثيرة المقدمة من قبل اولياء امور الاطفال من منتسبي الجامعة، تم توسيعها لتشمل روضة وحضانة، وتواصل السيدة راجحة حديثها فتقول: اما المناهج فكنا نعتمد وما نزال على ما موجود في الرياض الاخرى وتتضمن: (حروف الهجاء، وحروف اللغة الانكليزية،والارقام بالانكليزية ايضا وايام الاسبوع بالعربي والانكليزي مع مفردات باللغة الانكليزية ودروس في الدين مع اسماء الله الحسنى والحواس الخمس وأناشيد وآداب اجتماعية عامة كآداب المائدة وطرق النظافة)، اما الالعاب فهي للتسلية مع انها قديمة ومستهلكة، اما الألعاب الرياضية فتقام في الحديقة المجاورة صيفا وفي القاعة الشتوية في فصل الشتاء.
* كيف كان مستوى العلاقة مع أولياء أمور الأطفال ؟
- كنا نتعامل معهم بالعقل والعاطفة، فالموظف الذي نراجعه لامر ما يعتمد العقل الاداري فقط، اما الآخرون باعتبارهم اباء وأمهات فنشجعهم على الإسهام في تطويرها، واعتقد ان التعاون معهم كان مهما وجيدا وافضى الى نتائج ممتازة لانهم شريحة تمتلك الوعي والحس التعليمي، مع ان لا وجود للمبادرات التي كنا نأملها منهم.
* وماذا لديك من مقترحات ؟
- تبديل الاثاث وتوفير وسائل ترفيهية تسهم بشد الطفل الى روضته، وما يزال ترتيب القاعات يتم باشراف المعلمة التي تسعى الى ايجاد مساحة للحرية تشعر الطفل بالرغبة لاختيار الاصدقاء وتأسيس علاقات اجتماعية مبكرة.
في الطابق الثاني التقينا الست ايمان مطشر مشرفة على الاطفال الرضع وسألناها: كيف كانت الحضانة وكيف هي الان ؟
فقالت: قبل سقوط النظام السابق كانت الحضانة اجمل وتحتوي على اثاث اكثر وافضل مما موجود حاليا نتيجة تعرضها لاعمال النهب والتخريب، اما ما يتعلق بالمعوقات فتشير الست ايمان الى انها تنحصر بعدم كفاية المتطلبات الضرورية كالمعقمات وبلاستك الارضيات لان الكاربت المفروش غير ملائم، فضلا عن النقص الحاصل في الماء المعقم، والقصور الواضح في اجراءات النظافة وتآكل القاعة وكثرة الجرذان بسبب وجود مخزن للمواد المستهلكة بجوار الروضة والذي يشكل مصدراً خطيراً للجراثيم التي تنقلها الحشرات التي تتكاثر داخل هذا المخزن وكذلك الفئران.
خليل البنا....